الحمد لله القائل " " يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما
رجالاً كثيراً و
نساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً " .
والصلاة والسلام على المصطفى المختار القائل «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِيعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وَجَاءٌ» صلى الله عليه وسلم. رواه البخاري ومسلم .
وبعد : -
فإن الإسلام حث على
الزواج ورغب فيه ووضح حِكَمَـهُ وأحكامه وما فيه من ثمرات وفضائل ، و
الزواج سنة ألاهية وحاجة فطرية تهفو إلية الفطرة السليمة والأخلاق السوية.
وإذا اجمع العارفون والمجربون على أن
الزواج الذي هو جزء من الحياة لا يمكن أن يكون هناءً مطلقاً فهو كغيرة من الأمور يعتريه الإضطراب والفتور والمشاكل .
لكي نتخطى تكل المشاكل أو نقلل منها لابد من معرفة ما هي المهارات النفسية لبداية الحياة الزوجية الصحيحة والأمور في طريقة التعاشر مع الزوج الذي سنعيش معه بأذن الله .
لذلك ولله الحمد وضع لنا الله سبحانه وتعالى أمور تهدينها بحوله وقوته إلى الحياة الزوجية السعيدة . فقد قال سبحانه : ﴿ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أ
زواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودّة ورحمة﴾..
وإذا كان الناس مختلفون في تصوراتهم عن الحياة الزوجية وتوقعاتهم ومواصفاتهم وغير ذلك من الأمور فهم لاشك متفقون على أمر مهم هو أنهم جميعاً يطلبون السعادة والهناء .
ولكي تتم هذه السعادة وهذه المودة والرحمة بأذن الله فقط يجب عليك تعلم ودراسة هذه الحياة.
وهنا اختصر ما إستفدته من الدورة التأهيلية لل
زواج , وأسأل الله أن يوفق من قام على هذه الدورة وأن يجزاه خير الجزاء وأسأل الله أن يوفقنا وزوجاتنا وجميع المسلمين إلى الحياة السعيدة وأن يرزقنا الذرية الصالحة ,
هو القادر سبحانه وهو الموفق .
بسم الله الرحمن الرحيم
أولا الأمور والآداب الشرعية : لأنها هي مفتاح رضا الله وتوفيقه سبحانه .
1- ملاطفة الزوجة عند البناء بها .
2- وضع اليد على رأس الزوجة والدعاء لها :
اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرّها وشر ما جبلتها عليه.
3- صلاة الزوجين معاً :
جاء رجل يقال له: أبو حريز، فقال: إني تزوجت جارية شابة بكر، وإني أخاف أن تفركني، فقال عبد الله يعني ابن مسعود إن الإلف من الله، والفرك من الشيطان، يريد أن يكرّه إليكم ما أحل الله لكم؛ فإذا أتتك فأمرها أن تصلي وراءك ركعتين .
4- ما يقول حين يجامعها:
وينبغي أن يقول حين يأتي أهله:
((بسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا )).
قال صلى الله عليه وسلم :
((فإن قضى الله بينما ولداً؛ لم يضره الشيطان أبداً )).
5- كيف يأتيها:
ويجوز له أن يأتيها في قُبُلها من أي جهة شاء، من خلفها أو من أمامها، لقول الله تبارك وتعالى: ﴿نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنّى شئتم﴾، أي: كيف شئتم؛ مقبلة ومدبرة،
6- تحريم الدبر:
((لا ينظر الله إلى رجلٍ يأتي امرأته في دبرها )
((من أتى حائضاً، أو امرأة في دبرها، أو كاهناً فصدقه بما يقول؛ فقد كفر بما أُنزل على محمد )).
7- الوضوء بين الجماعين .
8- الغسل أفضل .
9- اغتسال الزوجين معا .
10- توضؤ الجنب قبل النومً .
11- ما يحل له من الحائض:
ويجوز له أن يتمتع بما دون الفرج من الحائض
12- ما ينويان بالنكاح:
وينبغي لهما أن ينويا بنكاحمها إعفاف نفسيهما، وإحصانهما من الوقوع فيما حرم الله عليهما، فإنه تكتب مباضعتهما صدقة لهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي بُضع أحدكم صدقة! قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟! قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليها فيها وزر؟ قالوا: بلى، قال: فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له فيها أجر .
13- إعطاء كل من الزوجين حق الأخر.
الأمر الثاني : فهم النفسيات بين الزوجين .
ينبغي على الرجل والمرأة معا فهم كل منهما الآخر، ليعرف كل منهما نفسية الآخر ويحلل سلوكياته لعلهما يدركان أن الاختلاف في نسيج تركيبتهما يدعوهما إلى التفاهم والتعاضد والمصارحة وإدراك الآخر، ليتمكنا من العيش معاً.
وأن يتفهم الرجل نفسية المرأة ويدرك طبيعة تكوينها حتى يراها كما هي، شفافة واضحة، وأن تدرس المرأة نفسية الرجل وتفهم تركيبته حتى تراه بوضوح وصدق فالرجل ليس ظالما كما تزعم بعض
النساء ، كما أن المرأة ليست مخلوقا ضعيفًا لا يستحق التقدير كما يدعي بعض
الرجال، وهو من فهم وإدراك الحقائق الخلقية لديهما .
الأمور الثالث : لابد من معرفة كيفية ممارسة هذه الحياة :
واليكم بعض المهارات النفسية لبداية الحياة الزوجية الصحيحة :
أولاً: فن تبديد المخاوف :
1- أهم أمر أنه كل ماتسمعه من الآخرين إنما هو تجاربهم الشخصية وليس بالضرورة أن تسير الأمور معك كما سارت معهم .
2- أعط نفسك وشريكتك الوقت الكافي لكي تتعرف عليها وتتعرف عليك.
3- حاول أن تشعر الطرف الآخر بمدى رضاك وإعجابك بما يقوم به أو العكس في حالة عدم رغبتك في أمرٍ أو سلوك معين والتوقعات الإيجابية وإعلانها يساعد الطرف الآخر على تحقيقه .
4- تعلم أن تثني وتشجع وليكن ذلك الأغلب ولا تقلب الصورة .
5- من الجفاء عدم المشاركة في الإهتمامات والهموم .
الأمر الرابع : تنمية الحب بين الزوجين :
إن الأصل في الزوج أن يكون سكن وسكينة ولباس وستر وحضن دافئ لزوجته، والأصل في الزوجة أن تكون فراشا لزوجها وسكينة وسكن له ولباس وستر له وحضن دافئ له. والأصل في الزوجة إذا غاب عنها زوجها أن تشعر أنها فقدت أحب الناس إلى قلبها، والأصل في الزوج إذا غاب عن زوجته أن يشعر انه فقد شيئا عزيزا على قلبه , الحب بين الزوجين هو ذلك الشعور والإحساس النابع من القلب بحيث لا يمكن قياس هذا الشعور وهذا الإحساس إلا إذا شوهدت آثاره على كل من الزوجين، فهذا هو الحب حقيقة ,الحب هو وعيٌ وفهم وإدراك تام للحقوق والواجبات، الحب صبر وتحمل وقناعة، الحب زوجة وزوج وابن وبنت و
جدة وجد، الحب مودة والحب سكينة والحب رحمة والحب انسجام والحب تفاهم والحب تآلف والحب خير والحب إحسان والحب تضحية . و على الزوجة أن تكتشف في نفسها هذه المعاني وعلى الزوج أن يكتشف هذه المعاني في نفسه، وعليهما أن يبادرا بعضيهما به وأن يحاول معرفة ما هي طريقة زيادته وما هي طريقة معالجة نقصه .
هناك بعض من الوسائل التي تساهم في كسر روتين الملل وتنمية الحب والمودة بين الزوجين ومنها:
1- تبادل الهدايا حتى وإن كانت رمزية .
2- تخصيص وقت للجلوس معًا والإنصات بتلهف واهتمام للطرف الآخر.
3- الكلمة الطيبة .
4- الاشتراك معًا في عمل بعض الأشياء الخفيفة .
5- الحرص على مداعبة زوجتك وملاعبتها .
6- التجديد .
الأمر الخامس : قواعد التعامل مع المشكلات الزوجية :
بعد ما ذكرنا الأمور السابقة وبعد تطبيقها لا أضن بأذن أن تكون هناك مشاكل وخصوصا أذا تعاملنا في تنمية الحب والود ودعاء الله التوفيق ولكن لأنها حياة لابد أن تعتريها بعض المشاكل فأحب أن أذكر بعض القواعد ولو أن القواعد كثيرة لكن سأذكر بعضها من باب التلخيص : ومن الممكن أن تكون أهمها :
1- أولا تقتضي توطين النفس منذ البداية على تقبل المشكلة أو المحنة واعتبارها شيئاً طبيعياً لا مندوحة عنه في الحياة . ومن ثمرات الإيمان الصادق انه يحفظ على المؤمن والمؤمنة الاتزان النفسي والتماسك والثبات، فلا يفلت خيط الإدراك الواعي وزمام التفكير الرشيد، وذلك لأن الإيمان الحق يصدر عن التسليم لرب الخلق مدبر الأمر وكاشف الكرب الموفق والمعين، ومن اجل هذا كان من علامات الإيمان الشكر لله في الرخاء والصبر عند البلاء والرضا بكل القضاء .
2- لزوم احد الطرفين للصمت وتفهمه لرأي الطرف الآخر مع اللين والرفق في التعامل معه، ويتبع ذلك ايضاً الحذر كل الحذر من الانفعال والغضب الذي يقترن غالباً بقرارات ارتجالية غير موفقة توقع صاحبها في دائرة الندم . ولا يغفل المسلم عن قاعدة أبي الدرداء رضي الله عنه إذ قال لامرأته: إذا رأيتك غضبت ترضيتك وإذا رأيتني غضبت فترضيني وإلا لم نصطحب ! .
3- ضرورة ترك العناد والمكابرة والمسارعة لاسترضاء الطرف الآخر، على ان يفرق الطرفان بين الاختلاف في الرأي وبين العناد .
4- أن لا يتمادى في غضبه وأن لا يسترسل في لومه وعتابه بل يقبل الاعتذار ويتغاضى عن رفيق دربه وشريك حياته .
إذا اعتذر الحبيبُ إليك يوماً*** فجاوز عن مساويه الكثيره
فإنَّ الشافعي روى حديثاً *** بإسناد صحيحٍ عن مغيره
عن المختارِ أنَّ اللهَ يمحو*** بعذرٍ واحدٍ ألفي كبيره ..
5- محاولة قلب الموقف الانفعالي المتوتر إلى موقف عاطفي .
وأخيرا : اذكر محاسن شريكك قبل أن تعد مساوئه وعيوبه،
وتذكر دائماً قول الشاعر:
وإذا الحبيبُ أتى بذنبٍ واحدٍ *** جاءت محاسنه بألفِ شفيعِ!
* لا تلتمس الكمال في شريكك ووطِّن نفسك على تقبل أخطائه وعيوب..
* ولا تغفل عن قاعدة إن الحسنات يذهبن السيئات.
الأمر السادس : فن تربية الأبناء :
كم هو جميل أن تكون أبًا .. أو أن تكوني أمًا ، فهذا من أمتع التجارب وأكثرها سعادة .. ولكن هذه السعادة ليست على الدوام .. فقد ينغصها مايصدر في كثير الأحيان عن الأولاد من تصرفات تعكر صفو حياتنا ..
إن الحرص الشديد على الاعتناء بالأطفال يؤدي إلى توتر الآباء ، وهذا التوتر يجعل الآباء مضطربين و قلقين .. وهذه الاضطرابات تمثل جزءاً طبيعيًا من الحياة الأسرية ولا يمكن تجنبها بل على الآباء أن يبتكروا طرقًا متجددة لمواجهة المشاكل التي تعترض طريقهم حتى لا يغرقوا في بحر من القلق والتوتر .
وعلينا أن نعلم أن لكل طفل أو ولد شخصيته المنفردة التي تميزه عن غيره من الأولاد ، وبالتالي فإن طريقة التعامل تختلف من طفل لآخر .
إن الكثير من الآباء ي
بحثون عن الأسرة المثالية وينشغلون في التفكير في مستقبل أولادهم ..
" لا يوجد أطفال مثاليَّون ولا آباء مثاليَّون " .. فجميع الأطفال يسيئون السلوك من وقت لآخر وجميع الآباء يخطئون في أحيان كثيرة ، وليس في ذلك غضاضة ، وقد ينتابكم القلق على مستقبل أبنائكم ، ولكن تذكروا أن لكل فرد شخصيته المستقلة فتقبلوا طفلكم على ما هو عليه .. وبالحب والتقدير والتشجيع ينشأ الطفل نشأة طيبة ويحسن تقديره لنفسه .
خصائص القيم التي نريد ان نربي عليها أبناءنا :
1-- الثبات:
فمحتواها ثابت لا يتغير رغم تغيير المكان والزمان والإنسان فالصدق مثلا بما يعنيه من مطابقة الواقع نجده في أي مكان، وهو كذلك من آلاف السنين وهو أيضا عند الكبير والصغير والمثقف والأمي والذكر والأنثى، ومرجع ثبات الصدق هنا نابع من الفطرة " فطرة الله التي فطر الناس عليها "
2- وحدة الكيان :
فهي قيم كاملة المعنى والمبنى غير منقوصة ولا قابلة للاجتزاء، فالصدق مثلا بما يعنيه من مطابقة الواقع وقول الحق لا يمكن أن نقسمه إلى أجزاء وإلا خرج عن كونه صدقا.
3- دافعة :
فهي دافعة للبناء والإبداع لأنها تتعامل مع الجوانب البشرية مجتمعة فالصدق القولي السلوكي بعين على كشف مواهب الأفراد وتنميتها .
4- متناسقة :
فهي قيم متناسقة مع بعضها فلا تعارض ولا تناقض بينها لأن مصدرها واحد وإن تنوع لون خطابها فمثلا قيمة الصدق لا تتعارض مع قيمة الحب، وقيمة الحب لا تتعارض مع قيمة الحياة، وقيمة الحياء لا تتعارض مع قيمة الإتقان مع أن كل قيمة مما سبق تخاطب جانبا من الجوانب البشرية .
5- قيم عليا ذات أولوية :
لأنها تحقق أهداف العقيدة وكليات الشريعة الخمس : حفظ الدين والنفس والعقل والنسل والمال .
6- يمكن قياسها:
فسلوك الفرد واختياراته توضح ما يحمله من قيم فمثلا قيمة الصدق يمكن قياسها ( معرفيا ) عن طريق الاختبارات و ( سلوكيا ) عن طريق المقابلة والملاحظة والتحليل .
ختاماً :
إن صلاح الأسرة طريق أمان الجماعة كلها، وهيهات أن يصلح مجتع وهت فيه حبال الأسرة. كيف وقد امتن الله سبحانه بهذه النعمة... نعمة اجتماع الأسرة وتآلفها وترابطها فقال سبحانه: {وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ}[سورة النحل، الآية: 72].
إن الزوجين وما بينهما من وطيد العلاقة، وإن الوالدين وما يترعرع في أحضانهما من بنين وبنات يمثلان حاضر أمة ومستقبلهما، ومن ثم فإن الشيطان حين يفلح في فك روابط أسرة فهو لا يهدم بيتا واحدا ولا يحدث شرا محدودا، وإنما يوقع الأمة جمعاء في أذى مستعر وشر مستطير والواقع المعاصر خير شاهد.
فرحم الله رجلاً محمود السيرة، طيب السريرة، سهلاً رفيقا، لينا رؤوفا، رحيما بأهله حازما في أمره، لايكلف شططا ولا يرهق عسرا، ولا يهمل في مسئولية.
ورحم الله امرأة لا تطلب غلطا ولا تكثر لغطا صالحة قانتة حافظة للغيب بما حفظ الله.
فاتقوا الله أيها الأ
زواج واتقوا الله أيها المسلمون فإنه قال سبحانه: (ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً).
وصلى الله وسلم على خير خلقه نبينا محمد، وعلى آله وأ
زواجه الطيبين الطاهرين، وعلى صحبه الغر الميامين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.