مكتبة زواج المسيار

زواج المسيار تحت المجهر

يقدس الإسلام العلاقة بين الرجل والمرأة ويحصرها في الزواج الذي يمثل تأشيرة الدخول للعلاقات الأسرية، وما يترتب عليها من الانجاب وصلات القربى. ومن الطبيعي ان يمر هذا البناء من خلال الجنس، الذي يمثل جسر عبور متنقل ودائم لتحقيق الهدف المنشود. وهذا ما يميز الإسلام عن غيره كالعلمانية، التي تجعل الجنس هدفاً منشوداً على حساب أمور اشرف يعلي الإسلام من قدرها وهي التكوين الاسري، وبناء صلات القربى، والتكثير اللاغثائي. ولقد عمقت هذه النظرة العلمانية من العلاقة الافتراسية التربصية ما بين الذئب والحمل الوديع، وانتقصت من قدر المرأة بتصويرها وكأنها مجرد وسيلة إشباع قابلة للتغيير والتطوير. والأصل في الزواج ان يكون طريقه واضحاً سهل المنال، لكن التعقيدات الاجتماعية اكثرت فيه من الحفر والمطبات، وجعلته كالمطلب العسير. وقد اتخذ الزواج الشرعي عدة أشكال تمثلت في الارتباط الأحادي، والتعددي الظاهر والمستور، وزواج المتعة الذي كان واختفى ولا يزال، ثم المسيار. ما هو زواج مسيار؟ المسيار مشتق من السير أي المرور في اوقات معينة، كأن الزوج يسافر ويمر ليتفقد أهله ويذهب. وبحسب فتاوى الفقهاء والمفتين فانه زواج شرعي مكتمل الشروط، تتخلى فيه الزوجة المسيارية عن بعض حقوقها كالنفقة والاقامة الدائمة للزوج، وهذا حق لها تفعله بارادتها. والمسيار بهذه الصفة يختلف عن زواج المتعة، فهو ليس زواجاً لأجل محدود، وليس بقصد التمتع الجنسي وحسب. فهو زواج تقل فيه فاعلية الزوج، مع توزع الإيجابيات والسلبيات على الطرفين. المتأمل في زواج مسيار يرى انه مظهر للتعدد، لكن قد يغلب عليه الخفاء النسبي، على الأقل بالنسبة للزوجة الأصلية غير المسيارية. لكنه يظل يحمل سمة مميزة له، هي ان الزوجة المسيارية تنازلت عن حقوق لها معينة، وأنها قبلت بأن تقل فاعلية الرجل بالنسبة لها. لكن هذا مسلك زلق، إذا قد تنعكس الأمور وتتفعل فاعلية الرجل لتصير في صالح المسيارية مع الزمن بسبب دهائها الانثوي. ايجابيات زواج مسيار إذا كان المسيار وجهاً آخر للتعدد فانه يحقق ما يحققه التعدد، ومن ثم فقد يحتمل ما يحتمله من ايجابيات وسلبيات. فقد يحقق التكثير اللاغثائي لتقوية المجتمع، ويسد جوانب نقص معينة، ويعوض عن سلبيات معينة تعتري مجتمعاتنا هذه الأيام. فهو يحل مشاكل العوانس والارامل والمطلقات واللاتي تتطلب حياتهن بقاءهن عند اهلهن لرعايتهم مثلا والاهتمام بهم، أو لتحقيق مصالح أخرى. وهذا يفتح الطريق للزوجات المسياريات لتحقيق اهداف ما كانت لتقوم بدون المسيار. كما ان المسيار يحل بعض مشاكل الرجال كثيري الأسفار الطويلة، بحيث يجد له محطات للراحة هنا وهناك، لكنها محطات مريحة للطرفين ومشروعة في نفس الوقت. كما انه يحل إشكاليات العاجزين عن القيام باعباء الزواج لا سيما المادية، أو تلك التي تلقى معارضات من الاهل تجاه الزوجة المقترحة. وهو في نهاية المطاف شيء خير من لا شيء عند الزوجات المسياريات، حتى وان كان كالبهار بالنسبة للطعام. ولما كان المسيار زواجاً مشروعاً فليس من سبب يدعو إلى إظهار الخجل منه، وتأخر الفتوى فيه لا يخرجه عن مساره الشرعي. فإذا رأت الزوجة المسيارية انه في صالحها فلا تخجل منه، ولا يخجل منه اقرباؤها، بل ان شأنه هو شأن أي زواج آخر، لكنه منتقص الحقوق وحسب. وهذا الانتقاص هو بطواعية وارادة لا اكراه في ذلك، وما تمارسه الزوجة فيه مشروع ولا غبار عليه. سلبيات زواج مسيار وفي المقابل فقد يؤدي المسيار إلى افساد العلاقة اللامسيارية، لا سيما إذا اخذ يقتات على حساب الزوجة الأصلية. وكما ان المرأة بطبيعتها تحارب التعدد الأصلي وتقاومه بكل وسائلها، فهي لن تدخر جهداً في محاربة المسيار. لكن المرأة التقية تتذكر انه حكم شرعي فلا مفر من قبول الأمر الواقع، وهذا هو الامتحان الصعب للمرأة، ان تتغلب على غريزتها في مقاومة الضرة وتقبل بها وتتعاون معها. المسيار قد يكون فيه اجحاف للمسيارية على الرغم من تنازلها عن حقوقها، خاصة إذا كانت هذه الحقوق هي الحرمان من الأمومة وصلات القربى، فان في هذا قسوة بالغة قد لا يخفف منها مجرد القبول بظل رجل. ولهذا تصفه المسياريات المتضررات منه بالقول: المسيار هو الدمار لا البهار!. كما ان احتمال ضياع حقوق الأولاد المسياريين وارد سيما وانه قد يجري التنازل عن هذه الحقوق ضمنياً بتنازل المسيارية عن حقوقها صراحة. والمسيار وان كان بديلاً جيداً للعهر والخيانات الزوجية فقد يستغل لتحقيق ذلك، بدعوى ان الرجل يدخل هذا البيت كمسيار. لكن التوثيق والشرعية التي اضفتها الفتوى الرسمية على المسيار سوف تحد من ذلك. كيف نتغلب على مشاكل زواج مسيار؟ زواج مسيار يشجع على التقصير، لكن لا بد في المقابل من مقاومة التقصير بشتى الوسائل، حتى لو تطلب الأمر المطالبة بتشريعات مقابلة له. والى ان نصل إلى هذه المرحلة المتقدمة من التطور سيكون من المفيد التركيز على التثقيف المسياري، لا سيما إذا صار امراً واقعاً. وهذا يتطلب المحافظة على بقاء الأسرة، وحفظ حقوق الزوجة، والحرص على الزوج. ويتمثل ذلك في عدة نقاط: • زيادة اهتمام الزوجات بأزواجهن والحرص عليهم، وزيادة وعي الأزواج بالزواج. • تركيز المرأة نظرتها نحو صناعة الأسرة وتعظيم مهمة الأمومة والبيت، وترك أوهام العلمانية التي لا تريد للمرأة أي خير. • المطالبة بتقنين زواج مسيار بتقييده بشروط خاصة به تحفظ حقوق الزوجة المسيارية، وقصره على الزوجة القادرة على التخلي عن حقوقها، والقادرة على الاستمرار في غياب الزوج المسياري. • حفظ حقوق الزوجة بالحرص عليها وتوثيقها، وبالانتباه إلى الشروط المغفول عنها، مثل حق الزوجة في اشتراط عدم التعدد عليها. • تشجيع وشيوع ثقافة الحلال البغيض، أي الطلاق، للحد منه حفاظاً على الزواج الأصلي من الفساد بسبب المسيار. • يمكن للزوجة المطلوبة مسيارياً ان تشترط عدم الكتمان، فلا تقبل بأن يكون الزواج مخفياً عن عائلة الزوج الأصلية.
المزيد

المفاضلة بين الزواج عن حب والزواج التقليدي

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ: فقد كان الزواجُ الإسلامي، أو الشرعي، أو ما يُسميه الشباب بالزواج التقليدي، أو زواج الصالونات، إلى آخر تلك القائمة من الأسماء، هو المعروف في العالمين العربي والإسلامي إلى أن ظهرَت المدرسةِ التغريبية، أو مدرسة الحداثة، التي نشأت في أوائل القرن الماضي، والتي شَنَّت حربًا لا هوادةَ فيها طالت ثوابتَ الدين، واللغة العربية، والقيم، والمبادئ، والعادات والتقاليد، والعِفَّة، ولم يكن لهم إلا مطلبٌ واحد، وهو ترك الإسلام، وهجر العربية، وإبطالُ حكم القرآن، ونزع الأعراف والمبادئ الشرقية والعربية الراقية، ومساواة الرجل بالمرأة في الميراث والحقوق والواجبات. والحاصل أنَّ الحداثيِّين دَعَوا لاستبدال ديننا وقيمنا العربية الطاهرة بأعرافٍ وقيمٍ وزُبالات أفكار الغرب الكافر، فكان مع الأسف ما تراه وما تَسمَعُه من غزوٍ فكري مقيت، طال جميعَ نواحي الحياة، ومنها الأسرة والأحوال الشخصية، وقد تصدَّى لهم، وبيَّن جهلَهم، وفند زيفهم، وبيَّن عمالتَهم المفضوحة للغرب وحربَهم القذرة على الإسلام - جهابذةُ عصرهم، ومَن تَبِعَهم من حُماة العقيدة واللغة العربية، وكل من سار على طريقهم إلى يوم الناس هذا، من أمثالِ شيخ الأدباء مُصطفى صادق الرافعي، وأمير البيان شكيب أرسلان، وشيخ العربية محمود شاكر، والأستاذ محمد محمد حسين في كتابه "الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر"، وكتاب "حصوننا مهددة من الداخل"، والأستاذ سيد قطب في ظلاله، ومحمد قطب في أكثرِ مصنفاته، والأستاذ أنور الجندي في كتابه "الصحافة والأقلام المسمومة"، وغيرهم كثير. فمنذ ذلك الحين بدأ الترويجُ لما يسمى بالحبِّ قبل الزواج، أو الزواجُ عن حب، والصَّداقة بين الجنسين، كمقابل للزواج الشرعي، وبديلاً عنه يتناسب مع العهد الجديد – زعموا - حتى أفسدتِ العبادَ والبلادَ، وتعمدوا أولئك الأعداء أنْ يُخفوا عن العامة أن الزواجَ الشرعي أو التقليدي هو الأوفر حظًّاً، والأقرب للنجاح، وأنه لم يَزَلِ المسلمون في مشارقِ الأرض ومغاربِها يتزوجون بالطريقة الشرعية، وينجحون في حياتهم الزوجية، وأنْجبوا للأُمَّةِ أجيالاً لا تقارن بأجيال عصر السقوط والتبعية. والعجيب أنَّ الغرب قد توصَّل من خلال الدِّراسات الميدانية إلى أنَّ "الزواج يحقق نجاحًا أكبرَ إذا لم يكن طرفاه قد وقعا في الحب قبلَ الزواج"، كما في دراسة سول جور دون أستاذ علم الاجتماع الفرنسي. ووصل للنَّتيجة نفسها الأستاذ الدكتور إسماعيل عبدالباري عميد كلية الآداب جامعة الزقازيق بمصر، في دراسة ميدانية منشورة له ومنتشرة، أثبت فيها أنَّ: 75 % من الزواج عن حبٍّ قبلَه انتهى بالطلاق، وأن تلك النسبة تنزل لأقلَّ من 5% في الزيجات التقليدية؛ يعني: التي لم تكن عن حبٍّ سابق. هذا؛ والحب قبل الزواج أيضًا فيه مَحاذيرُ كثيرة، تقضي عليه بالفشل في أغلب الأحيان: أولاً: أنه يتنافى مع شَريعَتِنا، فهو مُحرَّم لا يَجوز من الأساس، وقد سبق أن أصدرنا فتاوى في بيان ذلك منها: "حكم الحب المحترم"،، "حكم الدردشة مع الجنس الآخر، "الحديث مع الفتيات بكلام غير فاحش"، "حكم الدين في علاقات الشباب بالفتياتِ". ثانيًا: كونه قائمًا على العاطفة فقط، فيَعْمَى الطَّرفان عن رُؤية عيوبِ الآخر، حتى ينكشف المستورُ بعد الزواج، فيُفاجأ كلاهما أنَّه تزوَّج شخصًا آخر غيرَ الذي يعرفه، فالْمَساوئ والعيوب إنَّما تظهر بعد الزواج عندما يصطدما بالمشكلات الحياتية، فيتحطَّم الحبُّ الزائف مع أولِ بادرةٍ في الطريق؛ لأنَّهما ما تعودا المسؤوليةَ، والتضحية، والتنازلَ؛ إرضاءً للآخر، فتنجلي الصورةُ الحقيقية، ويتبخَّر رِفقُ ولِينُ وتفاني المحبَّيْنِ المصطنع، وتطفو المشكلاتُ على السطح، ويستيقن الطرفان أنَّهما خُدِعَا وتعجَّلا، ويَحلُّ الندمُ مَحلَّ الحب، فتكون النتيجة الحتمية هي الطلاق. ثالثًا: غالبًا ما يكون الحبُّ قبلَ الزواج محفوفًا بالمحرمات، والمحاذير الشرعية والأخلاقية، من الخَلْوة، والنظر، واللَّمس، والكلام الخائن المليء بالحبِّ والإعجاب، والمثير للغرائز والشهوات، وقد يصل إلى ما هو أعظم من ذلك، كما هو مشاهد وواقع في كثير من البلاد الإسلامية. رابعًا: فرارُ كثير من الشباب من الفتاة التي خدعوها دون زواجٍ؛ لانعدام الثقة بها، ولو تَمَّ الزواج، فلا ينسى خيانتها لربِّها وأهلها معه، حتى يصاب بالوَسْوَاس في تصرفاتِها، وإن تابت، ويُحدِّث نفسَه بأنَّها ذاتُ ماضٍ مُظلم مع غيره أيضًا، فلا يزال به حتى يتركَها أو تتركه. خامسًا: وهو أعظمها وأخطرُها لمن كان له قلبٌ، وهو أنَّ المتحابَّيْنِ قبل الزواج عرَّضَا نَفْسَيْهما لمكرِ الله وعقابه، ولعلَّ هذا هو السر الخفي في عدم توفيقهما في الزواج إن تزوجَا وفشلهما، والسببُ الرئيسي أنَّها قامت على مَعصية الله وعلى علاقات آثمة، ولو بهدف الزَّواج، فالغاية النبيلة لا تُحِلُّ الوسيلةَ المحرَّمة إلاَّ عند غير المسلمين، ولذلك ترى العقابَ الربانيَّ العادل لأهلها بالمرصاد؛ كما قال الله - تعالى -: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا}[طه: 124]، وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الأعراف: 96]، ففساد الزواج نتيجةٌ لقلة التقوى وانعدامها، كما أن الحياة الطيبة ثَمَرة للإيمان والعمل الصالح؛ كما قال الله - تعالى -: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]. قال الإمام ابنُ القيم في "إغاثة اللهفان" (1/38): "إنَّ مَن أحبَّ شيئًا سوى الله - تعالى - ولم تكن مَحبته له لله - تعالى - ولا لكونه معينًا له على طاعة الله - تعالى - عُذِّبَ به في الدنيا قبل يومِ القيامة، كما قيل: أَنْتَ الْقَتِيلُ بِكُلِّ مَنْ أَحْبَبْتَهُ *** فَاخْتَرْ لِنَفْسِكَ فِي الْهَوَى مَنْ تَصْطَفِي فإذا كان يوم المعاد ولّى الحَكَم العَدْل - سبحانه - كل محب ما كان يُحبه في الدنيا، فكان معه: إما منعمًا أو معذبًا، ولهذا يمثل لصاحب المال ماله شجاعًا أقرع يأخذ بلهزمتيه؛ يعني: شدقيه، يقول: أنا مالك أنا كنزك، ويصفح له صفائح من نار يكوي بها جبينه وجنبه وظهره، وكذلك عاشق الصور إذا اجتمع هو ومعشوقه على غير طاعة الله - تعالى - جَمع الله بينهما في النار، وعُذِّبَ كلٌّ منهما بصاحبه؛ قال تعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67]. إلى أنْ قال: والمقصود: أنَّ من أحب شيئًا سوى الله - عزَّ وجلَّ - فالضرر حاصل له بمحبوبه: إن وَجَده، وإن فَقَده، فإنه إن فقده عذب بفواته، وتألم على قدر تعلق قلبه به، وإن وجده، كان ما يحصل له من الألم قبل حصوله ومن النكد في حال حصوله، ومن الحسرة عليه بعد فوته - أضعاف أضعاف ما في حصوله له من اللذة: فَمَا فِي الْأَرْضِ أَشْقَى مِنْ مُحِبٍّ *** وَإِنْ وَجَدَ الْهَوَى حُلْوَ الْمَذَاقِ تَرَاهُ بَاكِيًا فِي كُلِّ حَالٍ *** مَخَافَةَ فُرْقَةٍ أَوْ لِاشْتِيَاقِ فَيَبْكِي إِنْ نَأَوْا شَوْقًا إِلَيْهِمْ *** وَيَبْكِي إِنْ دَنَوْا حَذَرَ الْفِرَاقِ فَتَسْخَنُ عَيْنُهُ عِنْدَ التَّلاَقِي *** وَتَسْخَنُ عَيْنُهُ عِنْدَ الْفِرَاقِ وقال في "الوابل الصيب" (ص 15): "وقد قضى الله - تعالى - قضاءً لا يرد ولا يدفع: أنَّ مَن أحب شيئًا سواه، عُذِّب به، ولا بد أنَّ من خاف غيره، سُلِّطَ عليه، وأن من اشتغل بشيء غيره، كان شُؤمًا عليه، ومن آثر غيره عليه، لم يبارك فيه، ومن أرضى غيره بسخطه، أسخطه عليه ولا بد". اهـ. والحاصل أنَّ الحب بعد الزواج قائمٌ على التجربة والمعاشرة والمودة والرحمة، التي يجعلها الله بين الزوجين تفضلاً منه - سبحانه - وتزداد مع الأيام، فتملأ البيت دفأً وسرورًا ينعم فيه الأبناء، وإن اعتراها منغصات، فلا تعصف بالبيت ما دام الكل يؤدي ما عليه، ويتقي الله في الآخر. قال الله - تعالى -: {أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [التوبة: 109]. ولعل بهذا البيان قد تبين أنه لا وجه للمقارنة بين الزواجُ عن حب والزواج الشرعي (التقليدي)، إلا كالمقارنة بين الحرام والحلال.
المزيد

أسرار الزواج السعيد | اساسيات الزواج السعيد | نصائح الزواج السعيد

لا يمكن لأي علاقة أن تستمر من دون الاحترام المتبادل وفهم الطرف الآخر والحوار، وفوق كل ذلك التسامح. عليك أن تكون منفتحا كفاية لتتعامل مع كل العقبات المحتملة التي تواجهك في حياتك الزوجية، لا شيء أسوء من زواج فاشل ينتهي بالطلاق. لا يتزوج الناس من أجل الزواج فقط، ولكن من أجل عيش حياة ملؤها السلام والسكينة، الزواج هو أحد أفضل وأروع تغيير يطرأ على حياة الفرد، وينبغي أن ينظر إليه من هذه الزاوية. الزواج يتطلب أكثر مما يعتقد البعض، وللأسف الكثير من الأزواج لا يكلف نفسه حتى البحث ومعرفة هذه المتطلبات. من خلال هذا المقال سنعرفك على نصائح الزواج السعيد الحب المطلق الحب من اسباب نجاح الزواج وهو أهم عامل يجب أن يتوفره من أجل زواج سعيد فهو من دون شك الحب المطلق، فالتزامك تجاه حياتك الزوجية هو من يقرر كم من الوقت سيستمر الزواج. وما يجعلك تلتزم حقا هو الحب المطلق والغير مشروط، فهو ما يجعلك تسامح وتتغاضى أحيانا وتبحث دائما عن أرضية مشتركة بينك وبين شريك حياتك. العلاقات المبنية على أشياء سطحية غالبا ما تنتهي حتى قبل أن تبدأ فعلا، الزواج ليس مجرد ما تشاهده في المسلسلات أو تستمع إليه في الأغاني الرومنسية، إنّه أكثر عمقا من كل تلك الأشياء، فهو يتطلب الالتزام والود المطلقين الذين يساعدانك على الاستمرار عندما تسوء الأمور، وهذا هو الاختبار الحقيقي للزوجين. الوقت من اساسيات الزواج السعيد الوقت فهو عامل أساسي آخر من أجل حياة زوجية سعيدة، وينبغي لكلا الزوجين تخصيص وقت للطرف الآخر، عليك أن تكون حكيما كفاية لتدرك أن حياتك الزوجية تتطلب منك بعض العمل والوقت حتى تكون على ما يرام، لا تتوقع حياة سعيدة وهادئة إن أنت انغمست في عملك وأهملت شريك حياتك ولم تخصص من وقتك القليل من أجل ممارسة واجباتك الزوجية، كلما خصصت وقتا أطول لحياتك الزوجية كلما عاد ذلك بالفائدة عليك وعلى شريك حياتك وكلما كان زواجك أكثر سعادة. الحوار لا يمكن لأي علاقة مهما كانت سطحية أن تستمر من دون الحوار، فما بالك بعلاقة تستمر مدى الحياة كالزواج. عليك أن تتحدث إلى شريك حياتك عن كل الأمور، ابتداء من عملك اليومي إلى الضغوطات التي تتعرض لها عندما لا تسير الأمور كما ينبغي، الحوارات الصريحة تثري من دون شك الحياة الزوجية في عدة نواحي، إن لم تكن قادرا على الحديث إلى شريك حياتك عن المشاكل والضغوط التي تتعرض لها فعليك إعادة النظر في علاقتك. انعدام أو نقص الحوار في العلاقة الزوجية قد يؤدي إلى عدة مشاكل، بدء من الجدال الذي لا طائل منه، وانتهاءا بالبعد والانغلاق وتجنب الطرف الآخر. المسامحة من اسس الزواج السعيد في الاسلام المسامحة. لا تقلل من أهمية المسامحة في العلاقة الزوجية، أحيانا ينبغي عليك ان تسامح وتتغاضى عن أشياء حتى لو كانت على حق وكان الأمر صعبا عليك. عليك أن تتعلم أن تبقى صامتا أحيانا، لأنه ليس كل شيء يحتاج إلى ملاحظة أو تعليق. أحيانا ينبغي عليك أن تتقبل ببساطة أن الأشياء لا تسير كما تريد، قد يبدو الأمر صعبا ولكنه يستحق المحاولة، لأن السلام والهدوء الذي ينتج عنه يفوق التصور. الانجذاب الجسدي الجنس من أهم العوامل التي تجعل الناس تتزوج، فهو يحصنك من أن تقع في علاقات محظورة ويمنحك الاتزان النفسي الذي يساعد على تحسين أدائك في الحياة. وعليه ينبغي لكلا الزوجين الاهتمام بما يجذب الطرف الآخر له، وعدم إهمال نفسه حتى لا ينفر الآخر منه. كما ينبغي لك أن تتنبه إلى شيء مهم، حتى لو لم تكن منجذبا إلى شريك حياتك (وهذا يحدث أحيانا وهو أمر طبيعي جدا) فإياك أن تظهر ذلك، فهذا يجرح المشاعر ويؤثر في الثقة بالنفس. الاحترام والثقة عليك أن تحترم وتثق بشريك حياتك كما تريد أن يحترمك ويثق بك، وأحيانا أكثر من ذلك، عندما نتحدث عن الثقة فهي لا تأتي بسهولة، إنها تحتاج إلى وقت. عليك أن تمنح لزواجك المساحة والوقت حتى تنبني الثقة، شارك كل شيء مع شريك حياتك ولا تخفي عنه أسرارا، لأنها قد تؤدي إلى تحطيم زواجك، عليك احترام مشاعر زوجك، أحيانا يحتاج فقط لحضورك من دون أن تتحدث حتى يحس أنه في المنزل وفي أمان. الخلاصة الزواج الناجح يثري حياتك ويمنحك ذلك الشخص الذي يمكنك أن تشاركه كل أحلامك ، وأن تكون على طبيعتك معه من دون تصنع ، وعليه عليك أن تسعى بكل طاقتك أن تجعل من زواجك تجربة ناجحة وسعيدة، وهذا بالتزامك المطلق بواجباتك تجاه شريك حياتك واتجاه زواجك.
المزيد

أسس بناء العلاقة الزوجية في الإسلام

هناك جملة من الأسس الإسلامية والآداب التي تبنى عليها العلاقة الزوجية المتوافقة الناجحة، والتي بدورها إذا توافرت ساعدت على تحقيق مقاصد الزواج وأهدافه، ويمكن إجمالها على النحو التالي: الأساس الأول: توافر أركان الزواج وشروطه: وهي الأعمدة التي تلبي ضرورات الحياة الزوجية ولا قيام للعلاقة إلا بها، ومظانها كتب الفقه، وأذكرها باختصار، فأركان عقد النكاح ثلاثة، هي: الركن الأول: وجود الزوجين الخاليين من الموانع التي تمنع صحة النكاح. الركن الثاني: حصول الإيجاب، وهو اللفظ الصادر من الولي أو من يقوم مقامه، بأن يقول للزوج: زوجتك فلانة أو أنكحتكها. الركن الثالث: حصول القبول، وهو اللفظ الصادر من الزوج أو من يقوم مقامه، بأن يقول: قبلت هذا النكاح أو التزويج. وأما شروط صحة النكاح فهي أربعة: 1) تعيين كل من الزوجين. 2) رضى كل من الزوجين بالآخر فلا يصح الإكراه. 3) أن يعقد على المرأة وليها. 4) الشهادة على عقد النكاح[1]. الأساس الثاني: قيام العلاقة الزوجية على محبة الله تعالى وطاعته: إن اجتماع الزوجين على ما يرضي الله تعالى هو أعظم أساس لبناء السعادة في الأسرة المسلمة، فالله وحده تعالى هو الذي يؤلف بين القلوب ويجمع بينها، وطاعته لها أثر كبير في سيادة الألفة والمحبة والتوافق بين الزوجين، والتأمل في الصورة الرائعة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم تبين حلاوة هذه العلاقة: "رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت فإن أبت رش في وجهها الماء، رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى فإن أبى رشت في وجهه الماء "[2]، كما حث صلى الله عليه وسلم على اتخاذ الزوجة الصالحة التي تتعاون مع زوجها على البر والخير في قوله: " ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا، ولسانا ذاكرا، وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر الآخرة" [3]، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم يؤكد على أهمية بدء الحياة الزوجية بطلب التوفيق والسعادة من الله بالدعاء الذي علمه لمن أراد الدخول على أهله: "اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلت عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلت عليه"[4]. الأساس الثالث: العشرة بالمعروف: لقد أمر الله عز وجل الزوج بحسن العشرة، قال تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ.. ﴾ [النساء 19]، وكرم الأخلاق والاحترام والتقدير المتبادل بين الزوجين أمر مهم لنجاح هذه العلاقة " فالحياة الزوجية من المنظور الإسلامي مبناها التكارم والتذمم ومكارم الأخلاق، أو كما قال الفقهاء: الحياة الزوجية مبناها المكارمة لا المكايسة، بمعنى أن يكون كل واحد من الزوجين - في حالة الوفاق وفي حالة الخلاف على السواء - غاية في كرم النفس، ونداوة الطبع، وفي غاية البعد عن الشح والأنانية، ومتى كان الزوجان بهذه المثابة من صفاء النفس ويقظة الضمير، كان مآلهما إلى الوفاق وحسن المآل في كل حال"[5]. وقاعدة العشرة بالمعروف تقوم على ركنين هما: حسن الخلق، والرفق، اللذان يزينان كل أمر كانا فيه، ويشينان كل أمر نزعا منه، وقد تسوء معاملة الزوج لزوجته نتيجة موروثات فكرية خاطئة تقضي بأن على الرجل أن يفرض شخصيته القاسية على زوجته منذ يوم زواجهما الأول، مع الفهم المغلوط لمعنى القوامة وتغليفها بالقسوة، وقد أشارت إحدى الدراسات الخليجية إلى أن سوء المعاملة بين الزوجين كان سببا أساسيا في 79% من حالات الطلاق[6]، والباحثة ترى أن سبب ذلك هو البعد عن الهدي النبوي في التعامل الزوجي. الأساس الرابع: تحمل المسؤولية من كلا الطرفين: لا يستقيم بناء العلاقة الزوجية إلا بتأدية الحقوق الواجبة - معنوية كانت أو مادية - لكل طرف على الآخر، وتحمل كل منهما مسؤوليته المناطة به في كيان الأسرة، ذلك أن المسؤولية مقسمة وموزعة في الحياة الزوجية على كل من الزوجين بما يتلاءم مع طبيعته وخلقته، قال صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، الأمير راع والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"[7]، وجمال الخطاب النبوي يتجلى بوضوح في هذا الحديث، كما بيّن الإمام الطيبي، حيث قال: " في هذا الحديث أنّ الراعي ليس مطلوباً لذاته، وإنما أقيم لحفظ ما استرعاه المالك، فينبغي أن لا يتصرف إلا بما أذن الشارع فيه، وهو تمثيل ليس في الباب ألطف ولا أجمع ولا أبلغ منه، فإنه أجمل أولاً ثم فصّل وأتى بحرف التنبيه مكرراً... والفاء في قوله " فكلكم " جواب شرط محذوف، وختم بما يشبه الفذلكة، إشارة إلى استيفاء التفصيل"[8]. والعلاقة الزوجية علاقة تعاون بين الزوجين، حيث تقع عليهما مسؤولية حفظ هذا البناء كمسؤولية مشتركة بينهما، " وبوجه عام يزداد التوافق إذا كان لدى الزوجين القدرة على أن يقوم كل منهما بواجبه ومسؤولياته تجاه الآخر، وتجاه الأبناء والأسرة بوجه عام، وكذلك إذا كان لدى الطرفين القدرة على التعامل مع المشكلات الداخلية والخارجية بكفاءة وإيجابية في اتجاه الحل والمواجهة دون إخلال بدوره أو تفريط في مسؤوليته"[9]، رغم أن الملاحظ في واقعنا المعاصر جهل الكثير من الأزواج والزوجات بحقوق الآخر مع تشدده في المطالبة بحقوقه هو، وهذا من الأسباب الرئيسة لانفصام هذه العلاقة، فكم من الأزواج من يحتل شريك حياته ذيل قائمة الاهتمامات لديه بعد الوظيفة والأهل والأصدقاء والرغبات الخاصة. ومن المسؤوليات الرئيسة التي تحيط بالعلاقة الزوجية مسؤولية القوامة، وهي المرتبة التي امتاز بها الرجل عن المرأة قال تعالى: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ.. ﴾ [النساء: 34]، وهذه الدرجة لا تقتضي تفضيلا في المعدن أو المكانة عند الله من أجل الرجولة أو الفحولة، بل العبرة في التفاضل التقوى وصلاح العمل، والحكمة من تفضيل الرجال على النساء أن تستقيم أمور الحياة بأن يقوم كل منهما بما عليه مما يتناسب مع خصائصه وقدراته، وهذا التقسيم العادل لأعمال ومهمات كل واحد من الزوجين يبطل دعوى المساواة بين الجنسين، والتي يرددها كثير ممن فتنوا بتيارات الحضارة المادية المعاصرة[10]. الأساس الخامس: المحافظة على أسرار الحياة الزوجية: من أهم أسس المحافظة على العلاقة الزوجية مراعاة خصوصياتها وعدم إفشاء أسرارها، فليس كل ما يدور بين الزوجين قابلا لأن يذاع على الأهل والجيران والأصدقاء، وهذا يشمل العلاقة الزوجية الخاصة والمعاشرة بين الزوجين، حيث بين النبي صلى الله عليه وسلم سوء من يفعل ذلك بقوله: " إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة: الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها"[11]، فكم تهدمت أسر حين فوجئ الزوج بأن الجيران يعرفون أدق أسرار حياته ويتناقلونها بينهم، وكم طلبت الزوجة الطلاق عندما علمت أن ما تستره عن أعين الناس قد بات مكشوفا أمام أصدقاء زوجها يتسامرون به في سهراتهم. كما أن خصوصية العلاقة الزوجية تتطلب حفظ ما يطرأ على الزوجين من المشكلات وعدم إذاعتها بين الناس، وذلك أدعى إلى حلها وإزالة ظلالها القاتمة، وكم من المشكلات الأسرية التي تجاوزت أسوار العلاقة الزوجية شعر صاحبها أنه يمشي مكشوفا مهتوك الستر أمام الناس فكانت أنكى في الجرح، وأعصى على الحل، لأن الزوجين اللذين ينشران أسرارهما ويخرجونها للآخرين كمن يسكن بيتا من زجاج والناس يرون ما به ويرون أعمال ساكنيه. الأساس السادس: العدل: يعد العدل أحد أسس الحياة الزوجية المهمة، لأنه يقوي بناء الأسرة، ويحقق صفاء القلوب وتآلف النفوس، ويؤدي إلى التوازن في النظر إلى إيجابيات شريك الحياة وفي سلبياته، كما وجه النبي صلى الله عليه وسلم لذلك بقوله: " لا يفرك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقا رضي منها آخر"[12]، ومنه الاعتراف بفضل العشير وشكره والثناء عليه وتقدير ما يقدمه وتكرار ذلك لطيب أثره على العلاقة الزوجية، كما ضرب لنا صلى الله عليه وسلم أكمل المثل في العدل بذكر الحسنات حتى بعد الموت، بوفائه لذكرى أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، حتى غارت عائشة رضي الله عنها من ذكره لها فتقول: " ما غرت على امرأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما غرت على خديجة لكثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم إياها وثنائه عليها"[13]. ومن العدل المطلوب في العلاقات الزوجية العدل عند تعدد الزوجات، وقد تميز الهدي النبوي بالمثل الإنساني العالي في هذا العدل في العديد من المواقف التي حفظتها لنا سيرته الطاهرة، كما أن من صور العدل المؤثرة على صفاء العلاقة الزوجية العدل في إعطاء الحقوق لأصحابها، فللزوج حق وللوالدين حق وللأبناء حق ولذوي الأرحام حق، وعلى الزوجين إعطاء كل ذي حق حقه. الأساس السابع: اختيار الأكفاء من الأزواج: عندما يشب الفتى والفتاة ويصبحان في سن الزواج، وتتطلع أنفسهما لذلك، تعتريهما أصناف من الحيرة، وتنتهبهما أفكار عديدة تحمل الخوف والأمل لتحديد مواصفات شريك الحياة المناسب، فكل طرف في العلاقة المرتقبة قد نشأ وعاش في ظروف قد تكون متباينة تماما عن ظروف الآخر، ويتصف أحدهما بخصائص وسمات مختلفة غاية الاختلاف عن خصائص وسمات الآخر، ولكل منهما تكوينه النفسي والثقافي الفريد، وبالرغم من ذلك فلا ضير ولا خوف من زواج شخصين بينهما هذا الاختلاف، فالفروق الفردية تعد من الأشياء الطبيعية في الكيان الإنساني، والزواج ليس نهاية المطاف، بل هو بداية طريق جديدة، وعلاقة متينة تنجح- بعد توفيق الله- إذا تم الاختيار وفق أسس سليمة وواقعية دون غش أو تزوير أو خداع، وقد وجه الشرع الحكيم إلى أهم عنصر في الاختيار، وهو الدين في قوله صلى الله عليه وسلم عن صفات المرأة: " تنكح المرأة لأربع: لجمالها وحسبها ولمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك"[14]، كما بين أن الدين والخلق هي أهم صفات الرجل، بقوله: " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه"[15]، قال الحافظ ابن القيم في زاد المعاد: " فالذي يقتضيه حكمه صلى الله عليه وسلم اعتبار الدين في الكفاءة أصلا وكمالا، فلا تزوج مسلمة بكافر، ولا عفيفة بفاجر، ولم يعتبر القرآن والسنة في الكفاءة أمرا وراء ذلك، فإنه حرم على المسلمة نكاح الزاني الخبيث، ولم يعتبر نسبا ولا صناعة، ولا غنى ولا حرية، فجوز للعبد القن نكاح الحرة النسيبة الغنية إذا كان عفيفا مسلما، وجوّز لغير القرشيين نكاح القرشيات، ولغير الهاشميين نكاح الهاشميات، وللفقراء نكاح الموسرات"[16]. وكذلك إرشاده ومشورته لفاطمة بنت قيس رضي الله عنها لما استشارته وقد تقدم لخطبتها معاوية بن أبي سفيان وأبو جهم رضي الله عنهم، فقال لها: " أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد" فكرهته، ثم قال: " انكحي أسامة" فنكحته، فجعل الله فيه خيرا واغتبطت" [17]، قال الإمام النووي رحمه الله: " وأما إشارته صلى الله عليه وسلم بنكاح أسامة فلما علمه من دينه وفضله وحسن طرائقه وكرم شمائله فنصحها بذلك، فكرهته لكونه مولى، وقد كان أسود جداً، فكرر عليها النبي صلى الله عليه وسلم الحث على زواجه لما علم من مصلحتها في ذلك وكان كذلك"
المزيد

الإختبار الإجتماعي للخاطب والمخطوبة

الإختبار الإجتماعي للخاطب والمخطوبة قالت الأولى : أكتشفت بعد الزواج أن زوجي في كل اجازة اسبوعية يذهب عند أصحابه بشاليه علي البحر وهذه العادة من زمان وهو غير مستعد للتنازل عنها، وقالت الثانية : أما أنا فزوجي مرتبط بأمه ارتباطا قويا لدرجة أنه لا يحتفظ بأسرارنا الزوجية، وقالت الثالثة : أما أنا فزوجي كل ليلة يسهر مع أصحابه في بيتنا ويلزمني بعمل العشاء لهم، وقال رجل : أما أنا فزوجتى مهملة للبيت وللأولاد بسبب كثرة خروجها مع صديقاتها يوميا، وقال آخر : كل ما حصلت مشكلة بيني وبين زوجتى فإنها تستشير صديقتها في التعامل معي، وقصص كثيرة تعرض على كمشاكل زوجية أساسها العلاقات الإجتماعية والصداقات، وعندما أسأل عن التعارف وقت الخطوبة هل تم السؤال بشكل صحيح عن الجانب الإجتماعي، يجيبني الجميع بأنه لم يفكر بهذا الموضوع فالأصل في مرحلة الخطوبة أن تشمل التعارف في كل الجوانب، وعمل عدة اختبارات لمعرفة هل الطرف الآخر مناسب أو لا، منها اختبار بالنظر، واختبار أثناء اللقاء والتعارف، واختبار بجمع المعلومات عن الأهل، واختبار بسؤال الأقرباء والزملاء، واختبار ديني واجتماعي وصحي وغيرها من الإختبارات، ولكن السؤال هو كيف يتم الإختبار في الجانب الإجتماعي للخاطب أو للمخطوبة؟ فهناك عدة أسئلة تفيد المعرفة الإجتماعية بين الطرفين وتساعدنا علي توقع المشاكل الإجتماعية المستقبلية وتفاديها، منها أين سيكون مكان السكن بعد الزواج ؟ وهل السكن سيكون في بيت أهل الزوج أم سكن مستقل ؟ ولو كان في بيت أهل الزوج فهل سيكون له مدخل مستقل أم لا ؟ ولو كان السكن بالإيجار فمن سيدفع الإيجار ؟ وكيف تتوقع شكل الصداقات بعد الزواج ؟ وهل الخروج مع الأصدقاء بشكل يومي أم أسبوعي أم شهري ؟ وهل لديك أصدقاء من خلال الشبكات الإجتماعية ؟ وهل تحب أن تنمي علاقات الصداقة من خلال الشبكات الإجتماعية ؟ وكم ساعة تصرف كل يوم بالتواصل مع المتابعين والأصدقاء بالشبكات الإجتماعية ؟ وهل سيكون هناك اختلاط بالأصدقاء بين الرجال والنساء أم لا ؟ وما هو الوقت المتوقع فيه الرجوع للمنزل كل يوم ؟ وما رأيك لو تدخل أحد والديك أو أقربائك بحياتنا الخاصة ؟ وما هو حدود التدخل بوجهة نظرك ؟ وكيف سيكون التعامل في حالة لو تم تجاوز الحدود ؟ وما هي خطتك للإجازة الصيفية ؟ فهل تحب السفر ؟ وفي حالة السفر هل سنسافر لوحدنا أم مع أهلك أو أصدقاؤك ؟ وما هي التصرفات التي لو عملتها تفهمها أنني أحترمك، وما هي التصرفات التي تعتبرها إهانة لك ؟ مثل هذه الأسئلة علي الرغم من بساطتها إلا إنها مهمة جدا وخاصة قبل الزواج، ليتعرف الطرفين علي بعضهما اجتماعيا بطريقة صحيحة، وحتى لا تحدث أي صدمة بعد الزواج ومن ثم قد تكبر المشكلة ويحدث الفراق، فأنا استخرجت هذه الأسئلة من المشاكل الزوجية التي تعرض علي دائما، وأحيانا تكون الظروف الإجتماعية سببا في حدوث مشاكل بين الزوجين مثل أن يكون لأحد الزوجين أب أو أم معتمد عليه اعتماد كلي في خروجه وعلاجه بسبب كبر سنه، والطرف الآخر لا يعرف مثل هذه المعلومة إلا بعد الزواج فيتضايق ويتذمر منها بسبب كثرة انشغال شريك حياته مع أحد والديه، أو قد يكون الزوج يدير ميراث أخوانه وأخواته وهو مشغول كثيرا بسبب التركة التي خلفها والده لهم فيأثر ذلك علي حياته الزوجية، أو أن تكون الأخت الكبيرة مسيطرة وتتحكم في اختها التي تزوجت أو أخوها الأصغر الذي تزوج مما يربك الزواج، مثل هذه الظروف لا بد من معرفتها ودراستها دراسة جيدة وقت الخطوبة حتى يتم التعامل معها بحكمة ولا تسبب في انهيار الزواج، فعادة ما تكون الخطوبة تقليدية وسريعة ولا يعطى للطرفين فرصة للتعرف علي بعضهما البعض، فيتأثر مستقبل الزواج بسبب عجلة الأهل والوالدين بالزواج أو الإستعجال في صدور الأحكام العاطفية علي الطرفين
المزيد

26 معلومة مهمة للمقبلين على الزواج

26 سؤالا مهما للمقبلين علي الزواج جلست مع مجموعة شبابية أعمارهم في بداية العشرينيات وبعضهم متزوج، ولكن أربعة منهم طلقوا في أول سنة من الزواج ثم تزوجوا مرة أخرى، فسألتهم عن سبب الانفصال المبكر، فأجابوا بأنهم دخلوا في الزواج الأول وهم لا يعرفون شيئا عنه ولا عن كيفية التعامل مع المرأة فكان زواجهم الأول محطة تجارب تعلموا منها خبرات كثيرة ومنها كيفية التعامل مع نفسية المرأة، وهذا كان سببا في نجاح الزواج الثاني ثم تحدثوا عن مشكلة عدم تهيئة الشباب للزواج وأن فشلهم الأول كان لهذا السبب. فطرحت عليهم مجموعة من الأسئلة ينبغي أن يعرف إجابتها كل مقبل على الزواج وهي: ما الهدف من الزواج؟ وكيف نخطط لحفل زفاف من غير مشاكل؟ وما أعمال الليلة الأولى؟ وما الحقوق والواجبات الزوجية؟ وما مهارات حل الخلافات الزوجية؟ وما الفرق بين نفسية المرأة والرجل وطريقة تفكيرهما؟ وهل السعادة دائمة في كل أيام الزواج؟ وما ينبغي أن يدفعه الزوج لزوجته شهريا؟ ومتى يكون تدخل الأهل ضروريا لحل الخلاف الزوجي؟ وكيف يتصرف أحد الزوجين لو كان الطرف الآخر بخيلا أو عنيدا أو عنيفا؟ وهل يحق للرجل أن يمنع زوجته من العمل أو أن يأخذ من مالها؟ وما الأحكام الشرعية للمعاشرة الجنسية؟ وكيف يخطط الزوجان لمستقبلهما؟ وما أفضل وقت لإنجاب الأطفال؟ وكيف يتعامل الزوجان مع أهلهما لو تدخلا في حياتهما؟ وأيهما أفضل السكن مع الأهل أم السكن المستقل؟ وكيف يتعامل الزوجان مع الأسرار العائلية؟ وما حدود علاقة الزوجين بأصدقائهما؟ وكيف يمدح أحد الزوجين الآخر؟ وكيف تبنى الثقة بين الزوجين؟ ومن هو الطرف الثالث الذي يلجؤون إليه في حالة الخلاف؟ وما مهارات الحوار والاستماع الناجح؟ ومتى يكون الانفصال هو الحل الصحيح؟ وكيف يكسب كل طرف أهل الآخر؟ وكيف نتعامل مع اختلاف البيئة والثقافة بين الزوجين؟ وكيف نتعلم مهارة غض البصر عن الأخطاء؟ فقال شاب: إنها أسئلة مهمة، ولكن كيف نعرف الإجابات الصحيحة عنها؟ فقلت له: الأصل أنك تعرف إجابة هذه الأسئلة من والديك ثم تساعدهما المدرسة والمنابر الإعلامية والبرامج التدريبية، فعلق أحد الشباب بطريقته الشبابية قائلا: اترك عنك هذا الكلام النظري يا دكتور ولا أريد أن أتعلم من والديّ فهما تجربة فاشلة في الزواج، فكيف أقبل منهما أن يعلماني مهارات الزواج الناجح؟ وأما التعليم فإن المدارس لم تعلمنا شيئا عن الأسرة والزواج الناجح، وأما البرامج التدريبية فإننا مللنا من المحاضرات والندوات ولكن نريد معلومة سريعة وموجزة ومفيدة تتناسب مع إيقاع هذا العصر. فأجبتهم عن هذه الأسئلة بإيقاع سريع وقلت لهم: لو ركزنا على دراسة سيرة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم مع زوجاته لسهلنا على حديثي الزواج كثيرا من الصعاب، فالنبي الكريم عاش مواقف متنوعة مع زوجاته وعلمنا منهجية التعامل مع الصغيرة والكبيرة ومع الثيب والبكر ومع المطلقة والأرملة ومع السهلة والصعبة ومع اللينة والشديدة ونحن بحاجة إلى قراءة اجتماعية للسيرة وتعلم مهارات التعامل الأسري. فقال شاب: أما أنا فلم أفكر بالزواج وعمري اقترب من الثلاثين، فما رأيك بالموضوع؟ قلت له: هذه ظاهرة منتشرة بين الشباب اليوم وهم يقدمون سعادتهم الفردية على سعادتهم العائلية وفي كل يوم تتأخر فيه عن الزواج فإنك تخسر الكثير، فالعائلة تعطيك حبا وتقديرا وأمنا وسلاما وراحة واستقرارا، فأنت قد لا تحتاج لهذه المعاني اليوم لانشغالك مع أصدقائك ولكن عندما يتقدم بك العمر ستشعر بأهمية الكلام الذي أقوله لك.. فعجل بالزواج، فرد علي قائلا: لهذه الدرجة تكوين الأسرة مهم؟ فقلت له: ولأهميتها قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مرافقة الزوجة على الجهاد عندما أخبره رجل بأنه يريد الذهاب للجهاد وزوجته ترغب بالذهاب للحج، فكان ردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم له: اخرج معها. فقال الشاب: عجيب أول مرة أسمع هذا الحديث، فقلت له: ولهذا أنا أخبرتك بتعجيل الزواج فالأسرة باب عظيم من أبواب الجنة فاحرص عليه، ولكن تهيأ أولا حتى لا تكرر الخطأ نفسه الذي ارتكبه أصدقاؤك، فرد علي بصوت عال: «وأنا قررت اليوم قرارين: الأول التهيئة للزواج والثاني الزواج» فضحك الشباب وضحكنا معهم.
المزيد
All Rights Reserved 2021 Zawaj Msyar